نشوان الحداد
جعل الهوتيون من اليمن أرضاً تجري من تحتها الألغام؛ لتكون في المرتبة الأولى عالمياً بما يصل إلى مليوني لغم.
الألغام الموت المؤجل للأرض والإنسان، صياد ينتظر فريسته من اليمنيين، سواءً كانوا اطفالاً أو شباباً رجلاً كان أو امرأة إنسان أو حيون لا يعنيه ذلك، ما يعنيه حقاً هو أن ينفجر ويسلب روحاً، أن يستنشق رائحة دم.
إن إنتهت الحرب فلن ينتهي الموت، سنحتاج قرابة مائة عام لتطهير الأراضي اليمنية من هذا الوباء، مائة عام في حال كانت المليشيا تحتفظ بخرائط الألغام، أقول في حال لأن التقارير تؤكد أن المليشيا زعرتها بشكل عشوائي الأمر الذي يعقد ويطيل أمد تطهير الأراضي المزروعة وجعلها قابلة للحياة لقرون عدة.. هذا ما ستفيقون عليه إذا ما انتهت الحرب، خيبة أخرى، موت خفي نسير إليه بثقة، ندوس عليه بأمان، ليلتهمنا بأبشع الطرق.
اليوم يعلن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية عن تمديد عمل مشروع “مسام” للسنة الثامنة على التوالي، مشروع مسام، مشروع الحياة، المشروع الذي يعمل منذ سبع سنوات متتالية على تطهير الأراضي المزروعة وجعلها آمنة، عمل شاق، تخيل لبرهة كيف لإنسان أن يواجه الموت، أن هناك من يقدم روحه فداء لتعيش أرواح أخرى ذلك ما تفعله فرق مسام، يستئصلون الموت ويزرعون الحياة.
وحدهم كانوا ومازالوا الأمل الوحيد في تأمين الأرضي اليمنية.
بمناسبة تمديد عمل المشروع للسنة الثامنة يقول الأستاذ أسامة القصيبي مدير عام مشروع مسام :” أن المشروع تمكن من نزع وإزالة أكثر من (495,855) لغماً وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة، وتطهير (67,244,455) متراً مربعاً من الأراضي في اليمن، كانت ملوثة بالألغام والذخائر غير المنفجرة زرعتها المليشيات الإره.اب.ية بعشوائية وأودت بعدد من الأبرياء من الأطفال والنساء وكبار السن”.
أعد النظر إلى الأرقام، هذه رقم مهول، (495,855) هذا عدد الألغام المنزوعة من مساحة (67,244,455) متراً مربعاً من الأراضي اليمنية، أنظر مرة أخرى إلى رقم المساحة! وتساءل عن اعداد الألغام التي مازالت في المناطق التي لم يصل إليها المشروع بعد؟! هذا مهول حقاً. هذه أرقام واحصائيات مرعبة تضع حقيقة مليشيا الهوتي الإجرامية أمام مرئى ومسمع العالم.
اخيراً لست أدري اي كلمات تلك التي سأقولها بغية شكر المشروع، إنهم في مواجهة مباشرة مع الموت؛ كي يمنحونا الحياة، الشكر وحده لايكفي، ما يقوم به المشروع عمل أكبر من أن يجازى بالشكر وحسب، إن عملاً كهذا يجعلنا مدينون بحياتنا وحياة الأجيال القادمة لهذا المشروع والقائمين عليه إلى الأبد، أن يهبك أحدهم حياة، أن ينقذك من فم الموت هذا عمل لا يمكنني التعبير عنه؛ لأن اللغة وحدها لا تكفي، لأن الشعور الذي يسكنني أكبر من اللغات كلها.. أتمنى للمشروع كل التوفيق، لهم كل الحب والإحترام، عليهم السلام يوم ولدوا ويوم يموتوا ويوم يبعثوا، السلام الأبدي الخالد يا مسام.